توفيت أميرة الطرب العربي الفنانة وردة الجزائرية إثر سكتة قلبية مفاجئة ألمت بها أثناء نومها في منزلها بالقاهرة، عن عمر ناهز 73 سنة. وأكد التلفزيون الرسمي الجزائري خبر وفاة الفقيدة، كما أفاد مراسل "العربية" في الجزائر بأن الرئيس بوتفليقة أمر بدفن جثمانها بالجزائر.
وقال الإعلامي المصري وجدي الحكيم إنه تم التنسيق مع السفير الجزائري في القاهرة وابنها رياض في الجزائر على أن تبدأ مراسم الجنازة بعد صلاة الجمعة من مسجد صلاح الدين في حي المنيل بالقاهرة، حيث تؤدى الصلاة عليها ثم يتوجه الجثمان إلى مطار القاهرة في طريقه إلى الجزائر لتدفن هناك.
وقد سادت حالة من الحزن العميق إثر إعلان وفاتها بين محبيها سواء الجزائريين أو العرب، وظل خبر وفاتها مثار جدل منذ أيام، حيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاتها، غير أن مصادر من عائلتها بالجزائر نفت الأمر ووصفته بـ"الشائعة".
وكان آخر عمل بارز لدى جمهور وردة بالجزائر تأديتها أغنية "مازال واقفين"، وهي أغنية دعائية تم بثها على نطاق واسع قبيل الانتخابات البرلمانية.
وقبل ذلك، أعلن نجل الفقيدة وردة أنها تستعد لتسجيل "فيديو كليب" جديد في الجزائر، سيكون مفاجأة لجمهورها في جميع أنحاء الوطن العرب بكل المقاييس.
ووردة مطربة جزائرية وُلدت في فرنسا 22 يوليو 1940 لأب جزائري وأم لبنانية من عائلة بيروتية، ولها طفلان هما رياض ووداد.
وغنّت في بداياتها في فرنسا وكانت تقدم الأغاني للفنانين المعروفين في ذلك الوقت مثل أم كلثوم وأسمهان وعبدالحليم حافظ، ثم عادت مع والدتها إلى لبنان وهناك قدمت مجموعة من الأغاني الخاصة بها، وكان يُشرف على تعليمها في فرنسا المغني الراحل التونسي الصادق ثريا.
شائعات قبل الوفاة
وحسب بعض الأصداء، فقد تأثرت الفقيدة وردة بالانتقادات التي وجهها لها بعض الفنانين العرب مؤخراً، ورداً على ذلك صرّحت وردة الجزائرية بتحدٍّ كبير بأنها "لن تتوقف عن الغناء ما دامت قادرة على العطاء حتى لو اضطرها الأمر إلى الغناء دون مقابل".
وأضافت في تصريحات غاضبة أنها "ستظل تغنّي إلى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة"، مشددة على أن "انتقادات البعض لها لن تؤثر عليها وتجعلها تتوقف عن مسيرتها الفنية، بالإضافة إلى أن الغناء بالنسبة لها هو الحياة، وأن الجمهور بالنسبة لها هو الهواء الذي تتنفسه وتعيش بفضله"، على حد قولها.
وأوضحت أن "جمهورها ما زال يستمتع بغنائها وصوتها الذي طالما أسعدت به الملايين في الوطن العربي، وأنها تكون في قمة سعادتها عندما تشعر بقدرها عند محبيها ومدى تمسّك جمهورها بها وبصوتها".
يذكر أن الفقيدة وردة الجزائرية لاحقتها في المدة الأخيرة عدة شائعات مرتبطة بالاعتزال، وعلاقة ذلك بارتدائها الحجاب، فأوضحت أنها أحياناً ترتدي "كاب" أو "إيشارب" عند خروجها، وهذا ليس بشكل دائم بل في أوقات نادرة جداً كنوع من التغيير، لافتة إلى أنه لا يوجد ارتباط بين ارتداء الحجاب والاعتزال، فهناك الكثير من الفنانات يرتدين الحجاب ويستأنفن مشوارهن الفني من دون الشعور بأي إعاقة، وهناك الكثير من الفنانات أيضاً اعتزلن الفن من دون أن يلتزمن بارتداء الحجاب.
وردة.. أيقونة الحفلات الوطنية الجزائرية
الفنانة وردة الجزائرية
وفنياً، برزت الفنانة وردة الجزائرية بسفرها إلى مصر، حيث احتكت بكبار الفنانين والملحنين، وكان ميلادها الفني الحقيقي في أغنية "أوقاتي بتحلو" التي أطلقتها في عام 1979 في حفل فني مباشر من ألحان سيد مكاوي. وكانت السيدة أم كلثوم تنوي تقديم هذه الأغنية في عام 1975 لكنها ماتت، لتبقى الأغنية سنوات طويلة لدى سيد مكاوي حتى غنتها وردة.
كما تعاونت وردة الجزائرية مع الملحن محمد عبدالوهاب. قدمت مع الملحن صلاح الشرنوبي العمل الشهير "بتونّس بيك".
واعتزلت الغناء سنوات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت للغناء، فانفصل عنها زوجها جمال قصيري وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري.
وعادت وردة لاحقاً إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد وتزوّجت الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979.
وشاركت وردة الجزائرية في العديد من الأفلام منها "ألمظ وعبده الحامولي" مع عادل مأمون، ومع رشدي أباظة "أميرة العرب" و"حكايتي مع الزمان"، وكذلك مع حسن يوسف في فيلم "صوت الحب" وكان أول أفلامها السينمائية بعد عودتها من الجزائر.
وتحظى الفقيدة وردة، التي خضعت مؤخراً لجراحة لزرع كبد في المستشفى الأمريكي بباريس، في الجزائر بتقدير واحترام كبيرين على المستوى الشعبي والرسمي، حتى غدت أيقونة الاحتفالات الوطنية في الجزائر.
مشاعر حزن في أوساط الفنانين
وعلى جانب آخر، توالت ردود الفعل الحزينة في الأوساط الفنية عقب وفاة الفنانة وردة، حيث قال الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر على حسابه على "فيسبوك": "البقاء لله وفاة الفنانة الكبيرة وردة أغنية جميلة لم تصمد أمام هذا الكم من النشاز.. الفاتحة".
أما الفنانة السورية أصالة فقالت على صفحتها الرسمية على "فيسبوك": "إنا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"، توفيت إلى رحمة الله الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية، نسألكم الدعاء".
ومن جانبه قال الفنان كمال عطية: "وخرجت وردة من لعبة الأيام.. الله يرحمها".
فيما وضعت صورتها الفنانة السورية ليلى الأطرش وكتبت: "توفيت العملاقة وردة الجزائرية مساء اليوم في منزلها في القاهرة.. الله يرحمها".
حلمي بكر ينعي صديقة عمره
وعلى جانب آخر، أصيب الملحن المصري حلمي بكر فور علمه بخبر وفاة الفنانة وردة الجزائرية بحالة من الانهيار، مؤكداً أنه في حاله صدمة فلقد كانت وردة بصحة جيدة ولم تشتكِ من أي شيء، وكان على تواصل دائم معها خاصة في الفترة الأخيرة التي شعر فيها بأن حالتها النفسية أصبحت متردية، وذلك بسبب مطالبة زملائها لها بالاعتزال خاصة بعد آخر "ديو" قدمته مع الفنان عبادي الجوهر "زمن ما هو زماني"، والذي تعرضت بعده لموجة نقد حادة.
وأكد الملحن المصري أن وردة شعرت بتخلي زملائها عنها بتوجيه الانتقادات الجارحة لها، وأنها أصبحت لا تجيد الغناء وأن صوتها أصبح "نشاز"، وهو الأمر الذي جعلها لا تكفّ عن البكاء في أيامها الأخيرة.
وصرح الملحن المصري في تصريح خاص لـ"العربية.نت" بأن وردة الجزائرية لم تكن مجرد فنانة تعاون معها في الكثير من الأغنيات على مدار مشوارهما الفني، بل كانت أكثر من رفيقة درب وصديقة عمر، عاش معها همومها على الحلوة والمرة، وسمع الكثير من شكواها التي كانت تؤلمها في سنوات عمرها الأخيرة.
هذا وقد اكتفى الكثيرون من جمهورها ومحبيها بتغير صورتهم الشخصية إلى صورة الفنانة وردة لينهال أسفل الصورة كمّ من تعليقات العزاء في رحيل هذه النجمة الاستثنائية.